حق القرآن على أمة القرآن
بقلم / عبد الحافظ عبد الرحمن
الحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على خير خلقه اجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد فيقول الحق تبارك وتعالى: (الر كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد)(إبراهيم: 1(. فالقرآن لعظيم انزله سبحانه على حبيبه محمد (صلى الله عليه وسلم)نوراً ورحمة وهداية للناس اجمعين ليخرجهم من الضلالة الى الرشاد ومن الشك الى اليقين ويخرجهم من ظلمة الجهل الى نور العلم وانزله سبحانه ليكون دستوراً للبشرية جمعاء باعتباره نظاماً ربانياً صالحاً للتطبيق في كل زمان ومكان وضامناً للفرد والمجتمع عمارة الدنيا والآخرة بما تضمنه من احكام وتعاليم شمولية في العقيدة والعبادة والمعاملات والأخلاق وما تضمنه من احكام في الحكم والقضاء وشؤون الأسرة والمرأة فلأجل ذلك كان لزاما على كل مسلم ان يعظم كتاب ربه مسترشدا بنوره المبين متمسكاً بهديه القويم عاملاً باحكامه البينة لينال بذلك سعادة الدنيا والفوز في الآخرة. ويمكن ان نلخص واجبات المسلم تجاه كتاب الله بما يلي:1. التطهر قبل لمسه من الحدثين الاصغر والاكبر عملا بقوله تعالى(لايمسه الا المطهرون)]:الواقعة: 79[.وقول(صلى الله عليه وسلم ) (لايمس القران الا طاهر)وتطهير الفم قبل التلاوة بالسواك او ما يقوم مقامه والتعوذ قبل القراءة عملاً بقوله تعالى(فاذا قرات القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم): ] النحل: 98.[واستحباب استقبال القبلة اثناء التلاوة وصرف الأفكار والشواغل الدنيوية عن القلب لاجل استحضار الخشوع.2. تدبر ما يقرأ عملاً بقوله سبحانه:(كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )]ص: 29.[ومعنى التدبر فهم معنى الآية بنية العمل بها مثال ذلك: إذا تلا آية فيها ذكر الجنة فليسأل الله الجنة واذا تلا آية فيها ذكر النار والعذاب فليعوذ بالله من ذلك واذا تلا آية فيها دعاء فليؤمن بعدها واذا تلا آية فيها استغفار فليستغفر عندها واذا تلا آية فيها هلاك امة من الاممم فليتذكر سنة الله في اهلاك من حاد امره وطغى وتجبر واذا تلا اية فيها نصر الله لانبيائه على اعدائهم فليتذكر وعد الله الحق في نصر اوليائه على اعدائهم من الكافرين والمنافقين والمفسدين واذا تلا آية فيها ذكر آيات الله وعظيم صنعه في الكون فليتذكر ان لا خالق الا الله ولا معبود الا اياه واذا تلا آية فيها ذكر نعم الله فليحمد الله على عظيم ما أنعم به عليه وليسأله الزيادة من فضله فتلك اخي المسلم امثلة تفصيلية لمعنى التدبر وقد حكى ابن مسعود tمنهج الصحابة في تدبر القرآن بقوله: (كان الرجل منا اذا تعلم عشر آيات لم يتجاوزهن حتى يعرف معانيهن).3. العمل والتطبيق لما يتلو من آيات في العقيدة او العبادة او المعاملة او الاخلاق وليكن هدفه الاول من التلاوة هو العمل والتطبيق فان المسلم اذا خالف اوامر الله مما يتلو من كتابه صار القرآن حجة عليه يوم القيامة نعوذ بالله من ذلك وفي هذا روى الطبراني ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)قال)اقرا القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه) وروى الترمذي ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)قال: (ما آمن بالقرآنمن استحل محارمه)ومن الامثلة على ذلك ان من علم مما يتلو من القرآن تحريم موالاة الكافرين وتحريم الخمر والميسر وتحريم الظلم والتعدي وتحريم الربا والقذف والزنا ثم اتى بشيء من ذلك فقد صار القرآن حجة عليه يوم القيامة الا ان يتداركه الله بتوبة.4. كثرة تلاوته ليلاً ونهاراً في كل مكان خصوصاً في البيت فإن في ذلك طرد للشياطين وبركة في الحفظ والرعاية والرزق قال عمرو بن العاص (رضي الله عنه)(كل آية في القرآن درجة في الجنة ومصباح في بيوتكم) وقال ابو هريرة(رضي الله عنه) ان البيت الذي يتلى فيه القرآن يتسع بأهله ويكثر خيره وتحضره الملائكة وتخرج منه الشياطين) ويضاف الى هذه الفضائل العظيمة الأجر الجزيل الذي يناله قارئ القرآن ان له بكل حرف حسنة والحسنة بعشر امثالها.5. تعليم الأطفال وتعويدهم على محبة كتاب الله وارشادهم الى تلاوته يومياً ولو صفحة واحدة واعلامهم ان تلاوتهم للقرآن سبب مباشر لرضوان الله عنهم ولتوفيقهم في تحصيلهم الدراسي ولتسهيل امرهم في سائر حياتهم وليكن الوالدان قدوة حسنة لابنائهم في تلاوة القرآن وتعظيمهم لشأنه ومعلوم ان الأقتداء بالوالدين في فضائل الأعمال هو ركن عظيم في تربية الأبناء تربية صالحة.6. الاعتقاد الجازم والمطلق بأن القرآن العظيم هو دستور الامة والى يوم القيامة ونعني بالقرآن في هذا الموضع دين الاسلام كله فمعلوم ان دين الاسلام قائم على ركنين عظيمين كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)وقد أمرنا سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه بطاعة نبيه (صلى الله عليه وسلم) والاقتداء بسنته فوجوب العمل بالقرآن يستلزم وجوب العمل بسنة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ودين الاسلام بركنيه العظيمين هو الدستور الالهي الشامل الذي تكفل الله لمن طبقه وسار على نهجه بالسعادة في الدنيا والفوز في الآخرة بما تضمنه من احكام وتعاليم سامية في العقيدة والعبادة والمعاملات والاخلاق وهو المنهج الذي اختاره سبحانه لعباده ولن يرضى منهم غيره كما قال عز وعلا (وان هذا سراطي مستتقيما فاتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون):]الأنعام: 153.[فكل من رضي له دستوراً سوى منهج الله فقد حاد عن امر الله وضل ضلالاً مبينا وفي هذا روى الترمذي عن علي(رضي الله عنه): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: {الا انها ستكون فتنة. قلت وما المخرج منها يارسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره اضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم، من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعى اليه هدي الى صراط مستقيم}. وروى ابن ماجة ان رسول الله(صلى الله عليه وسلم) قال)لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها الا فشافيهم الطاعون والاوجاع التي لم تكن في اسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيالوالميزان الا أخذوا بالسنين اي –المجاعة- وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ولميمنعوا زكاة اموالهم الا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولمينقضوا عهد الله وعهد رسوله الا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فاخذوا بعض مابأيديهم وما لم تحكم ائمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما انزل الله الا جعل الله بأسهمبينهم). فجميع ما تعايشه امتنا اليوم من مصائب دوليلات، ومن تسلط كافر بغيض وذلة ومهانة وكرامة مهدورة وتفرق في الكلمة وقتل وتشريد كل ذلك بسبب استبدال الحكم بما انزل الله بالتحاكم الى الدساتير الوضعية التي جعلت الامة اذناباً لما املاه عليهم اعداء الله من افكار وتعاليم تحادد شرع الله وتنشر الفساد في المجتمع فساداً فكريا واجتماعياً واخلاقيا فتطابق حالنا بما اخبر به رسول الله (صلى الله عليه وسلم)فيما رواه مسلم: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا فيجحر ضب لإتبعتموهم قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال فمن اذا؟)فهذا ما وصل اليه حال امتنا اليوم وانا لله وانا اليه راجعون ونسأله سبحانه ان يردنا الى نهجه رداً جميلا وان يرفع عن امتنا كل كرب وبلاء انه علي قدير والحمد لله رب العالمين
الرئيسية 
