أسطورة غراميات فيسبوكية!!
كان يامكان.. أسطورة حب:
كانت فتاة ملتزمة أخلاقيا، تعرفت على شاب محافظ عبر أحد المواقع الهادفة، كانت كثيراً ما تدخل معه في نقاشات بناءة، أحست بعد عدد كبير منها بقربه، خصوصاً عندما وجدت أن بينهما العديد من أوجه التشابه..
تطورت العلاقة من لقاءات عامة يشاهدها الكثيرون إلى لقاءات خاصة عبر الفيسبوك، لم تكن تسعى أن تقيم أي علاقة معه، بل كان الهدف تقديم المساندة للشاب بعد مروره ببعض الابتلاءات، كان هدفا نبيلاً طيباً لا تشوبه شائبة –أو هكذا كانت تظن-، ولكنها لم تعلم أن خيوط التعلق بهذا الشاب كانت قد بدأت منذ فترة مبكرة أثناء النقاشات الهادفة التي تمت سابقاً، كان الشحوب والحزن العميق وقلة الطعام والسرحان قد لازمها فترات طويلة، ولعل القريبين منها لم يكونوا يعرفون أن هذه بعض مظاهر الحب التي تلازمه ويذكرها العارفون بالحب.
كانت متدينة ولكنها انجرت مع تيار الحب الجارف، لم تكن تظن يوماً أنها ستقدم التنازلات تتلوها التنازلات حتى وصلت إلى مرحلة لايمكن التفريق بينها وبين أي فتاة غير ملتزمة.
كذلك كان الشاب المحافظ في بداية تعارفه على الفتاة، لكن قوة الحب وما يلازمه من رغبات جسدية جعلته ينحرف في علاقته لمستوى حيواني.
لم تنتهي القصة عند هذا الحد، بل بدأت من جديد في فصول وشخصيات جديدة، قد تختلف التفاصيل ولكن تبقى الحكاية هي هي بدون تغير.
سؤال...
وهنا يتبادر سؤال حول الأسباب التي تؤدي بشباب وفتيات محافظين أن يقعوا في شرك العلاقات المحرمة عبر وسائل الاتصال الحديثة في صفحات الإنترنت، وبمزيد من التأمل يتضح أن حدود العلاقات بين الجنسين عبر الإنترنت غير واضحة المعالم ويمكن تجاوزها للوصول إلى مناطق محرمة، يسهل فيها الوقوع في ممارسات لا أخلاقية من غير سبق إصرار وترصد!
يوضح ابن حزم الأندلسي رحمه الله في كتاب طوق الحمامة بعضاً من كوامنّ النفس البشرية في الحب والعلاقة بين الطرفين فيقول رحمه الله:
(الصالحة من النساء هي التي إذا ضبطت انضبطت، وإذا قُطِعت عنها الذرائع أمسكت. والفاسدة هي التي إذا ضبطت لم تنضبط، وإذا حيل بينها وبين الأسباب التي تسهل عليها الفواحش، تحيلت في أن تتوصل إليها بضروب من الحيل.
والصالح من الرجال من لا يُداخِل أهل الفسوق، ولا يتعرض إلى أهل المناظر الجالبة للأهواء، ولا يرفع طرفه إلى الصور البديعة التركيب. والفاسق من يعاشر أهل النقص، وينشر بصره إلى الوجوه البديعة الصنعة، ويتصدى للمشاهد المؤذية، ويحب الخلوات المهلكات.
والصالحان من الرجال والنساء كالنار الكامنة في الرماد، لا تُحرق من جاورها إلا بأن تُحرك، والفاسقان كالنار المشتعلة تحرق كل شيء).
وهنا إشارة هامة أن الصالح والصالحة ليسوا بعيدين مطلقاً عن الوقوع في الخطأ، أو في الانحرافات لأنهما كالنار الكامنة، ولهما رغبات ونزوات وشهوات إن وجدت متنفساً بسيطاً خرجت لتحرق الأخضر واليابس بعد أن تلفحهما.
ويقول ابن حزم الأندلسي (ولقد اطلعت من سر معتقد الرجال والنساء في هذا على أمر عظيم، وأصلُ ذلك، أني لم أحسن قط بأحد ظنا في هذا الشأن).
ويذكر ابن حزم قصة لواحد من أهل التمام في الفقه والكلام والمعرفة، ذو صلابة في دينه، أنه أحب جارية نبيلة، أديبة ذات جمال بارع، وقد نذر إن هو نال منها مراده أن يتوب إلى الله توبة نصوح. وفعلا حدث هذا، وتاب إلى الله..!!
العلاقات الإلكترونية والخلوة الحكمية:
العلاقات الإلكترونية علاقات تتميز بالانفتاح الكبير، والقيود الأقل حيث أنها تتخطى حاجز المكان وحاجز الزمان، فيمكن لأي شخص الحديث في أي وقت خلال اليوم ومن أي مكان مع أي طرف آخر. كما أن هذا النوع من العلاقة يتسبب في تخطي حدود الخجل بسبب غياب دواعيه من جلوس حقيقي مباشر يكون فيها لسمات الشخص الآخر الظاهرية تأثير في طبيعة الحديث.
ومن هنا لا نجد أي قيود نفسية أو اجتماعية أو دينية تحد من تحرك الأشخاص عبر هذا الفضاء الفسيح، فتحدث اللقاءات الجماعية والفردية بين الجنسين، وتصل لحد اللقاءات الأكثر خلوة في الغرف المغلقة بعيدا عن أعين الأهل، غير أنها ليست خلوة فعلية بل خلوة حكمية لهذا لايلقي لها العديد من الفتيات الصالحات والشباب الصالح بالاً، مما يؤدي كثيرا للوقوع في الزلل.
الحب الافتراضي
لماذا ينجذب الشاب للفتاة وتنجذب الفتاة للشاب عبر الشبكة العنكبوتية؟!
يقول الفلاسفة "الخيال أقوى من الحقيقة" وهذا ما يتيحه العالم الافتراضي، حيث يعطينا المجال لسبر أغوار تطلعاتنا، والصور الذهنية الكمالية التي نصممها بمخيلتنا للطرف الآخر وفق رغباتنا وميولنا. كما أن طبيعة التعامل المهذبة والتكلف من قبل الطرفين، ومحاولة إظهار كل طرف للجانب المهذب والمثقف، دون رتوش الواقع تساعد على رسم الصورة الذهنية الكمالية للطرف المقابل.
كما أن هناك بعض العوامل التي تساعد على رسم صورة الطرف الآخر يغفل عنها الكثيرون، فالصور الرمزية لها مدلولاتها ولها تأثيراتها على الآخرين، الفتاة التي تضع صورة ما لابد أن تعرف بأن المشاهد يقوم بربط الصورة بتفاصيلها الشكلية مع شخصيتها، فعندما تضع صورة لفتاة صغيرة جميلة أو عيون غزلانية ساحرة، فإن تلك الإيحاءات سرعان ما تغدو سهاماً صائبات تغرس في قلب الطرف الآخر، لترهق تفكيره.
هل ما يحصل حب حقيقي؟!
يتساءل البعض؛ هل هذا النوع من الحب الذي يتم في العالم الافتراضي حب حقيقي؟ ولعل ابن جزم الاندلسي يذكر أمر قريب من ذلك عندما تحدث عن الحب الذي ينعقد بالخطابات والمراسلات بين الرجل والمرأة، وبعد أن ينظر الرجل للمرأة فإنه يمكن أن يبقى على حبه إن كان كما توقعها، وإن رسم لها صورة أجمل من الواقع سرعان ما يصاب بخيبة أمل فيعتزلها، وهذا أمر يفسر رغبة الرجال في مشاهدت المرأة، في حين أن المرأة لايهمها كثيراً الشكل بقدر ما يعنيها الاهتمام والحب والتقدير الذي تحصل عليه من الرجل.
ومن عظمة الإسلام أنه لم يكتفِ بتحريم الفاحشة بل حرَّم كل الطرق والمسالك التي تؤدي إليها، والاستهتار في العلاقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو تخطيها حدودها الرسمية والقائمة على المنفعة المحددة وليس مجرد الإحساس بوجود المنفعة قد يؤدي إلى تحريك النار الكامنة بداخل كل إنسان لتحرقه أولاً وتحرق كل من يقترب منه.
المصدر : ملتقى التقوى - من ملتقى : ملتقى اسلامنا العظيم
الرئيسية 
